
تعد العمارة الطينية موروثا حضاريا متجددا يعبر عن عظمة الإنسان وإبداع فنه وبراعته وإتقانه منذ فجر التاريخ ، فقد شكل هذا الإنسان من الطين أدواته الحياتية وبنى مدنه وقراه وقصوره وصروحه فكانت آية في الجمال والابداع ولقدهيأت الظروف البيئية للإنسان العربي منذ الأزل مثله مثل الأنسان في سائرالبيئات الجافة توجهات اقتصادية وأخرى ثقافية ، أثمرت عنها تقنية ومهارة في العمارة الطينية، وكان لا بد له أن يتقن الصنعة حيث وجد الانسان العربي في العمارة الطينية ملاذا له من قسوة المناخ الصحراوي ألجاف ، كما برع إنسان عمان أيضا من خلال تراكم تجاربه المتوارثة ومعرفته الفائقة بالبيئة المحلية في تطوير استخدام مادة الطين التي تتمثل في مباني المجتمعات العمانية التقليدية التي لا تزال شامخة إلى يومنا هذافالعمارة الطينية تحتضن رموزا تراثية ودلالات عريقة وتؤكد استمرار التواصل الحضاري بين الإنسان في العصور القديمة والحديثة.
بيوت الطين
المواد الخام
إن بناء هذه البيوت يعتمد بشكل أساسي على استغلال تراب الأرض وتكييفه في روائع فنية تجسد القدرة على الإبداع الذي لا يزال قائماً حتى الآن ، والطين أساساً ناتج عن تحلل الصخور النارية، وهو لذلك مركب من دقائق صغيرة متبلورة ومن خواصه الطبيعية اللزوجة عند إضافة الماء إليه، أما لون الطين فيعتمد على المركبات المعدنية التي فيه؛ ولذا نراه يتدرج من الأبيض الفاتح الى البني الغامق ، أما عن الخواص التي تميز العمارة الطينية عن الأسمنتية فمنذ عرف الإنسان مميزات الطين، حافظ على استعماله في الكثير من دول العالم، اذ أثبتت الإحصائيات أن أكثر من مليار من البشر يستعملون العمارة الطينية ، لأن الجدران الطينية تعتبر عازلا جيداً للحرارة والبرودة ، فلا تسمح بسرعة انتقالها من غرفة إلى غرفة، كما ان هناك سهولة في التعامل مع الطين أثناء البناء فيسهل تشكيله وزخرفته بما يتناسب مع الطراز المعماري الإسلامي
إن الفن المعماري الطيني في الجزيرة العربية مر بمراحل متعددة وأطوار مختلفة قبل الإسلام وبعده ، وآثار العمارات الطينية التي بنيت قبل الإسلام كانت تتزين بنقوش تمثل صور الحيوانات المختلفة مثل الوعل والبقر والغزلان والجمال، وأحياناً كانت المعارك توثق بالنقش على الجدران الطينية، وحتى مطاردات الإنسان للأسود وعبادته للأصنام كانت تنقش على تلك الجدران، أما بعد مجيء الإنسان وتهذيبه للفطرة الإنسانية، فقد تميز الطابع المعماري الطيني بمؤثرات إسلامية ظهرت واضحة جلية في المنارات والقباب والأربطة، واتخذت أشكالاً هندسية من المثلثات والمربعات والسداسيات، والأشكال المخروطية المستديرة وكثرت أشكال الهلال الذي يعتبر رمزاً للعمارة الإسلامية ، وتطورت المواد المستخدمة في الخلطة الطينية من حجر ينحت مع الكلس المستعمل لربط الحجارة والتشييد والتزيين الى طين يحرق بعد مزجه بالتبن المأخوذ من بقايا الشعير والبرر.
تطور الفن المعماري